Description
الأصل أن المسلم لا يعاني من عقدة الاغتراب ولا يصاب بأمراض وعلل الاغتراب، من الضياع والذوبان والسقوط الحضاري والكثير من الآثار السلبية الأخرى التي يسببها ذلك أنه يعتقد أن وجود الناس أياً كانوا محل دعوته وهاجسه الدائم لاِستنقاذهم مما هم فيه وتحقيق سعادتهم في معاشهم ومعادهم، فهو كالقمر الذي لا ينطفئ ضوؤه فإذا غرب من مكان ظهر في مكان آخر فيكون النور، وكالماء إذا حبس في مكان تفجر في مكان آخر فيكون الزرع ويكون العطاء.
على الإنسان الرسالي أن يعترف بالأولويات التي يتوزع عليها الاهتمام وتتظافر حولها الجهود، وأن يختار الموقع الفعال. وأن لا تشغله نافلة عن فريضة، بل لا تشغله سنة أو تقليد متوارث عن معاقد الإيمان
وأن يراجع أعماله ليتعرف عن أخطائه ويدرسها، لأن الأخطاء لا تخدش التقوى، وأن مجيء النتائج عكس تقديرك لا يهز مكانتك؛ لأن الذي يطيح بالمكانة هو تجاهل الغلط ونقله من الأمس إلى اليوم وإلى الغد.
وأن يبحث عن الخير بين من هو معه ومن هو ضده، ويستعين به على بلوغ هدفه، ولا يتجاهل الشر وإن وقع بين الأقربين منه، وإنما يعمل بأدب ورفق على حسمه وحماية المجتمع من تبعاته. والإنسان الرسالي يتحاشى الحدة في خصامه وفي سلامه، قد يعينه هذا الهدوء على المضيء في طريقه يبني ولا يهدم ويصل ولا يقطع.
هذه مجموعة ملاحظات أو تأملات لا ندعي لها العصمة من الخطأ كما لا ندعي لها الكمال، وإنما هي وجهة نظر نعتقد لها الصواب كما أنها تحتمل الخطأ. حسبنا في ذلك النية الحسنة التي نعتصم بها، ومسؤولية المناصحة التي نستشعرها، ونرجو إن فاتنا الحصول على أجري المصيب فلا أقل من الحصول على أجر المخطأ. وأملنا أن يكون هذا الملتقى تصويرا حسنا لحاجات الإنسان الرسالي في مرحلته الحاضرة، وهي مرحلة لها ما بعدها في مستقبل الإسلام وجهاد ضد المتربصين به، وما أكثرهم.
Reviews
There are no reviews yet.